الاثنين، 5 أغسطس 2013

ملس

م = = => ما
ل = = => لكِ
س = = => ستحصلين عليه

ملحوظة : إذا كنت ستقرأ هذه التدوينة وأنت عصبي ومتشدد ،فمن الأفضل ألا تقرأها :)



"الملس"..ذلك الملبس النسائي  الذي لا أراه سوى في دراما التلفاز دون أن أعي تمامـًا كيف كانت النساء يتصرفن داخله واقعيـًا؛فما رأيته على الشاشات السيدة الجميلة التي ترتدي الملس أو الملاية اللف تخفيها جيدًا عن العيون مع البرقع وتمشي وسط الحارة المليئة بالرجال فتسمع منهم صيحات الإعجاب وأتساءل داخلي كيف اهتدوا على أنها هي المطلوبة أصلاً ؟! وأحيانًا أرى الملس ترتديه سيدات الريف اللواتي حضرن للمدينة وهنا تظهر المفارقة بين ملابس سيدة المنزل الأوروبية حديثة الطراز وبين ما ترتديه بقية سيدات مصر في الريف ليظهر الانقسام الطبقي والثقافي واضحـًا من خلال هذه الصورة فقط.
ومرت السنون واختفى الملس واستُبدل بكثير من الملابس الأخرى وإذا كان الملس والملاية اللف في الماضي يعتبران من علامات حماية الأنثى من نظرات الرجال ويرمزان إلى العفة والخجل فإن "الحجاب الشرعي" و"النقاب" يعتبران كذلك أيضـًا في الوقت الحاضر.وكأن العالم قد رجع قرنـًا من الزمان إلى الخلف،فنجد أن ما كانت ترتديه سيدات مصر في حقبة الخمسينيات والستينيات من ملابس عصرية حديثة تجمع ما بين الذوق الرفيع واحتشام الملبس –بمقاييس المصريين الوسطية لا بمقاييس رجال دين الخليج- قد بدأ يتراجع مع صعود التيارات الدينية المتطرفة وعلو صوتها في منتصف السبعينيات واشتدت هجمة هذه التيارات الصاعدة بعد ذلك وبدأ المجتمع المصري يسمع عن حوادث مختلفة من تفجيرات إرهابية وهجمات على تجمعات سلمية،وأتذكر حينما كانوا يحاولون إقناعي بارتداء "غطاء الرأس" الذي يسمونه "حجابـًا" أن هذا سيحميني لأنه في أوائل التسعينيات قاموا بإلقاء ماء نار على ظهر فتاة تمر أمام قصر ثقافة المنصورة لعدم تغطية رأسها –يبدو أنه اتضح فيما بعد أنها مسيحية ولكن لا أحد يهتم في هذا البلد بتصحيح القصص المرعبة لتظل محافظة على رونقها مما تحويه من تهديدات- . وانتشرت في المدارس وعلى حوائط الجدران عبارات من نوع (حجابي عفتي)،(أنتِ لؤلؤة في حجابكِ)، (الحجاب فريضة) وغيرها من العبارات التي تحبب الفتيات في الحجاب أو تهدد من لا يلتزمن بارتداء الحجاب. وإذا نظرنا إلى حال ملابس المصريات حتى بدون غطاء الرأس فسنجده لا يخرج عن حدود اللياقة والأدب والمصريات يعرفن أن "لكل مقام مقال" و"لكل مناسبة ملبس خاص بها"،ولكن مع انتشار موضة الحجاب وتغطية الرأس بدأ تحايل المصريات على هذا المظهر الجديد واختلطت الأزياء واختفى الذوق الجمالي في اختيار الملبس إلا من رحم ربي.
إذن،فالمرأة المصرية لم تخرج كثيرًا من عباءة الملس والملاية اللف،فاليوم ترتبط عفتها وطهارتها وحسن سلوكها بغطاء شعر وعلى عكس ما كان موجودًا في الماضي،لم يعد الرجال يحترمون خصوصيات النساء وأصبحت ظاهرة المعاكسة والتحرش بالفتيات والتدقيق فيهن وأجسامهن موجودة فاضحة كاشفة ؛لأن هذا الغطاء لم يحمي المصريات حقـًا وأنه أصبح بمثابة نوع من الزي الرسمي الذي تحرص الفتيات على ارتدائه –كما يرتدي الرجال الساعة- دون رغبة حقيقية ودون وعي لأن هناك من أقنعهن أنهن بهذه الطريقة يحمين أجسادهن من العبث فيها وأن هذا الملبس يدل على حسن سلوكها وبالتالي لا تستوجب نظرات الناس الفضولية وإذا كنا نتساءل لـِمَ  كل هذا الحرص على إظهار حسن سلوك الفتيات من خلال المظهر ؟! فالإجابة ستأتي بالطبع لكي يستطيعوا تزويجها بسرعة! فهذا المجتمع رغم ترديده الدائم لعبارات مثل (المرأة نصف المجتمع) و(خلف كل رجل عظيم امرأة أعظم منه) فهو يحتفظ بموروثات داخلية عميقة تكره المرأة وتحقر من شأنها وتؤمن بأن دورها الوحيد والمهم والأساسي هو الزواج واصطياد عريس ويكفي أن تثير موضوعـًا يخص المرأة مع أحدهم ليخرج عليك بالآية الكريمة (الرجال قوامون على النساء) من دون حتى أن يكلف نفسه بحفظ بقية الآية أو محاولة فهمها وتفسيرها ولن يذكر لك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (رفقـًا بالقوارير)،فقهر النساء بالنسبة له غاية عظمى ويتشابه الرجال في هذا باختلاف درجات تعليمهم وعملهم،فالقهر لا يقتصر على فئة واحدة من فئات المجتمع.

إذن،فالحجاب والنقاب لم يمنعا في النهاية التحرش بالفتيات وهما لا يدلان بالضرورة على حسن سير الفتاة فقد تكون منتقبة أو محجبة ولكن سلوكها وجوهرها بائس ،كما ساهما بطريقة أو بأخرى في إهمال الكثير من الفتيات في نظافتهن الشخصية والاعتناء بنفسهن،فيتركن شعورهن دون اهتمام بها ويؤدي ذلك إلى مشاكل تدفعهن في أحيان كثيرة إلى الذهاب إلى الطبيب خاصة إذا كنا مقبلات على زواج أي الانكشاف على رجل غريب (يمكنك مراجعة أي طبيب جلدية لتتأكد) كما يهملن في اختيار الملابس المناسبة لوجهتهن وبالتالي يختفي الجمال تدريجيـًا في ملابسهن مما ينعكس بالطبع على بقية الأشياء في المجتمع كما أن الحجاب والنقاب يعبران عن مشكلة اقتصادية تعاني منها المجتمعات العربية خاصة المجتمع المصري أكثر منها تدينـًا بالإضافة إلى المشكلات الأمنية فيما يتعلق بالنقاب وأيضـًا بالتخاطب الاجتماعي،ولا أنفي بالطبع وجود قلة من المصريات يهتممن بكل ما سبق ولديهن وعي بما يفعلنه. فالمشكلة يا سادة ليست في الأجسام ولا في الملابس،وإذا ارتبطت الأخلاق لدينا بمعيار الملبس فهذا يثبت بالدليل القاطع على أننا شعب مظاهر ويهتم فقط بالمظهر ولا أمل في إصلاحه ..المشكلة في العقول،إذا انتهت مشكلة العقول وصار المجتمع واعيـًا بما يقول ويفعل،فقل مرحبـًا بكل أزياء المجتمع بلا تمييز أو تفرقة وقل وداعـًا لمشكلات التحرش بالعقول والأجسام.

هناك 4 تعليقات:

  1. ساره
    قرأت مقالك و قد إتفقت معك بخصوص ذكورية المجتمع و تسيير المرأة على منهجه..و لكني إختلفت معك في العديد من النقاط و أردت التعقيب مع العلم أني لست من المتعصبين الذين حذرتيهم من القراءة :)
    بداية وجدتك و قد خلطتي بين الملس و الحجاب و إنه لفرق بربي كبير..فالملس طراز من الثياب المصريه التي إرتدتها المسلمات و القبطيات سواء و لم يكن زي رسمي إذ أنه كان ريفي و شعبي و لم يكن لعلية القوم أو فقراءه..أم الحجاب فهو زي إسلامي كما نعرف.
    و هو ليس بموضه يا عزيزتي..إلا إذا إعتبرتي النساء في عهد الرسول يواكبن الموضه و الصيحات الجديده في الفاشون..الحجاب مرتبط بالإسلام شئنا أم أبينا في كل زمان و مكان و ليس بموضه تظهر و تخبو.
    أما عن التحرش فهو سلوك لا أخلاقي لا علاقة له بدين أو لون أو عدد قطع الثياب..و قد قتلنا بحثا قبل سنوات طويله الحكمه التي تقول أن الحجاب ليس دليل الأخلاق و العفه..حتى أصبحنا نراه منقصه و طريقة للإدعاء و المظاهر الكاذبه..أنا هنا لست بصدد الخوض في فرضيته من سنته و لو إن الأمور واضحه بالقلب و البصيرة قبل البصر، لكن هو في الحقيقة وسيلة للتقرب إلى الله و طاعه و مجاهده للنفس و ليس معناه التمام و الكمال و الصلاح..فليس من داعي لخلط الأمور و تبرير مهاجمة الحجاب و وصفه بأنه ليس بدليل على ما وقر في القلب..و الله المطلع.
    و لفظة غطاء الرأس أو العقل كما كانت تقول إقبال بركه هي طريقه أخرى للتحقير منه و إختزاله في قماشه تمنع عن التفكير و العلم ! شئ مضحك بإمكان أستاذات الجامعات و الطبيبات و المهندسات و المبدعات الناجحات الرد عليه..
    أزعجني جدا تقولك على المحجبات بأنهن معفنات (أعتذر عن اللفظ) أو غير مهتمات بنظافتهن الشخصية..و كأن العرق و العفونه أصبحت مرتبطه أيضا بغطاء الرأس! الذي يحمي الشعر من التراب و الشمس حتى لا تجد الفتاة شعرها مجهد و منثور حولها في كل مكان..و كأن النظافة ليست سلوك شخصي...كما أن زيارة العرائس لأطباء الجلديه هي شئ معروف و شائع بين الجميع و ليس حكرا على المحجبات اللاتي يعانين من الجرب و القراع كما شعرت من كلماتك..و إنما هي لمعالجة البثور و الحبوب و المناطق الغامقه و الحساسيه و السيليوليت.
    الأنيقه أنيقه يا ساره بصرف النظر عن كونها محجبه أم لا فهي تهتم بكل تفاصيل الألوان و الذوق و ما يليق..و المهمله مهمله أي كانت..غطاء الرأس لا يحدد ذوق الشعوب و ثقافتها!
    و ليس للحجاب و النقاب دواعي إقتصادية و إن كان البعض يعتبرونهما عادة و تقليد لكن في هذه السنوات التي قتل فيها موضوع الحجاب بحثا و هوجم بكل الطرق أصبحا إختيار شخصي و عقائدي و ليس دليل إن فلانه (بيئه) و قد تخطينا فترة ظهور المحجبات في الإعلام كخادمات و الحمد لله :)
    نهاية أرجو أن تتقبلي رأيي و لا أقصد من وراءة إقناعك أو مغالطتك أردت فقط توضيح بعض النقاط.
    أعتذر إن أزعجتك و تمنياتي بعيد سعيد و مختلف لك و لأسرتك :)

    ردحذف
    الردود
    1. أنا قلت الكثير من الفتيات ولم أعمم..لو ما أخدتيش بالك أعيدي القراءة

      ولم أخلط بين الحجاب والملس،فكلاهما صارا بمثابة الزي الرسمي بالنسبة للمجتمع
      والحجاب ليس زيـًا إسلاميـًا؛إذ لا يوجد ما يـُسمى بالزي الإسلامي أصلاً وإنما هي خدعة تم ترويجها ووجدت صداها لدى المجتمع (المتدين بطبعه)وكلامكِ عن الحجاب وأنه لا علاقة له بالتحرش فهذا ما نعرفه نحن مجتمع مثقفي الانترنت لكن الشارع لم يقتنع بعد بهذا.
      ولم أنكر عن المحجبات التميز وأنا أستخدم لفظة غطاء الرأس منذ فترة لا علاقة لي بما قالته إقبال بركة،لا أدري لـِمَ يضايقكِ هذا وأنا لم أذكره في متن المقال أصلاً ؟!
      والحجاب والنقاب وخاصة الأخير له دواعٍ اقتصادية خاصة في السنوات الأخيرة حيث أنه يوفر في ثمن الملابس ويمكن أن تسألي الفتيات القادمات من الأحياء الفقيرة عن هذا :)

      شكرًا على وقتكِ في القراءة والتعليق الذي أختلف معه كثيرًا جدًا :)


      في انتظار زيارتكِ القادمة

      تحيتي

      حذف