الأحد، 22 يونيو 2014

الفرق بين نظرة الدولة المدنية والخطاب الديني إلى الإنسان

هناك فرق بين مفهوم الدولة المدنية حين الحديث عن البشر والحريات وبين المعتقدات الإيمانية وحديثها عن الإنسان؛بمعنى.. ما أشهر ما يـُقال مثلاً عن المرأة في الإسلام على سبيل المثال لا الحصر؟
أن الإسلام ساوى بين المرأة والرجل!
ولكن كيف؟! فمثلاً في توزيع المواريث نجد أن للذكر مثل حظ الأنثيين وفي الزواج نجد أنه من حق الرجل أن يجمع بين أربع زوجات في نفس الوقت بينما يحق للمرأة أن تتزوج رجلا واحدا فحسب..فهل يعتبر هذا مساواة؟ لكن نجد مثلاً أن المساواة مـُطبقة في العقوبة فلا نجد عقوبة لتارك الصلاة وعقوبة أخرى لتاركة الصلاة فكلهم سواء أمام العقوبة رغم عدم ثبات التوازن بين المسئوليات.
الخلاصة؟
كلمة "المساواة" غير مناسبة،يمكن أن تستبدلها مثلاً بكلمة "إنصاف".
وبينما يجد المؤمنون بالإسلام أن هذه الأحكام "منصفة" أو "متساوية" قد لا يراها كذلك المؤمنون بعقيدة إيمانية أخرى، وطالما كانت الطائفتان تحيين في مناطق مختلفة فلا يحدث إحتكاك بينهما فلا بأس،ولكن الخلاف يحدث عادة عندما توجد الطائفتان معـًا ولذا كان من الطبيعي ظهور حل وسط لكل هذه المعارك وهنا -في رأيي -تتبلور فكرة الدولة التي لا تتخذ من طائفة أو عقيدة معينة قانونـًا لها ساريـًا على كل المعتقدات الأخرى فتثور ثائرة أخرى متهمة إياها بكذا وكذا وكذا.
فالعقائد الإيمانية دومـًا ما تسعى لطمأنينة جميع أفراد المجتمع،فتجد توصية للرجل على المرأة والمرأة على الرجل والوالد على ولده والولد على والده..إنها سلسلة متصلة من الطمأنينة الروحية والإيمانية والأخلاق التي يتميز بها أيضـًا فئة واحدة من فئات المجتمع.

السؤال هنا،كيف نصل إلى حالة الحل الوسط هذه في أي دولة؟!
أولاً،تحتاج السـُلطة وطائفة المثقفين الظاهرة على السطح إلى تغيير نبرة الخطاب،فبدلاً من الحديث عن أن (الإخوة المسيحيين/المسلمين/البوذيين..إلخ) إخوتنا وشركائنا في الوطن نـُبدّلها بالحديث عن تساو جميع المواطنين أمام القانون وأمام فرص العمل والدراسة بغض النظر عن دياناتهم أو ألوانهم وأنواعهم. وبدلاً من الحديث عن حماية سيدات المجتمع من التحرش لأنهن "أعراضنا وشرفنا" نتحدث عن أن هذه الإنسانة لها الحق في الحياة والاستمتاع بحقها الطبيعي في الخروج إلى الشارع دون مضايقات.نتخلى عن صفة الأنانية في الحوار أخواتـ"نا" وأعراضـ"نا" ونهتم أكثر بالحديث عن جميع البشر بسواسية كأسنان المشط.
ثانيـًا،عدم اللجوء للحل الديني طوال الوقت،فلتنزل السلطة والإعلام من على المنابر وليتوقفوا عن نشر الخطابات التي تشبه موعظة الأحد وخطبة الجمعة،فبالتدريج تفقد السلطة الدينية تأثيرها على الناس كما أنها تـُعزز من إحساس ضعفاء المجتمع من أنهم ينتمون إلى طائفة ما داخل كيان الدولة أقوى مما ينتمون إلى كيان الدولة نفسه وبالتالي يسهل التأثير عليهم من قبل المتطرفين والمنحرفين عقليـًا وأخلاقيـًا.
ثالثـًا،ألا نجد في تشكيل وزارة ما أن الوزير الفلاني يجب أن يكون من الطائفة الفلانية حتى لا نـُغضب هذه الطائفة ونـُشعرها أنها لا تـُشارك في صنع القرار وإلغاء المقاعد الخاصة و"الكوتة".
رابعـًا،توسيع الدائرة فلا تشمل فقط عدم التمييز الخطابي والفعلي ضد طائفة إيمانية معينة بل يمتد إلى عدم التمييز بين الشباب مثلا والكبار.

وهل يمكن أن يتم كل هذا في يوم وليلة؟!
بالطبع لا،الموضوع يحتاج إلى وقت طويل جدًا ومجهود وصبر كبيرين،ولا يمكن الجزم بأنه توجد دولة استطاعت الوصول إلى نموذج الإنسانية المثالي بعد ولكن هناك دول كثيرة متقدمة في هذا المجال،انظر إلى الإحصاءات عن عدد المشاكل الطائفية أو التحرش أو التمثيل البرلماني في عدد من الدول المختلفة وسترى الفرق واضحـًا بين دول ودول.
ولكن الأهم من النظرية هو التطبيق،ومادمنا لا نستطيع كبشر تطبيق هذا دون شعور بالتأفف أو النفور أو شعور بالأفضلية وأننا الطائفة الناجية فلا يمكننا أن نطالب بسلطة تعاملنا سواء لأن السلطة نابعة في النهاية منا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق