السبت، 14 سبتمبر 2013

الطفل المطرود من الجنة




فلنترك الحلم للأطفال الذين لم تـُرهقهم حمل الهموم على كهولهم بعد
ولنشعر بالشفقة تجاههم،فهم يومـًا ما سيكبرون ويشعرون بأن الأحلام هي شيء لا يـُطاق ..شيء لايحدث أصلا!

***

أنا الطفل المغضوب عليه..أنا الطفل المطرود من الجنة..أنا الطفل الملعون في كل كتاب
أنا الطفل الذي بـُني حوله فقاعة هائلة كلما حاول الخروج منها لا يستطيع
يجلس في الركن القصي من الغرفة،وحيدًا..يتابع ويسجل
ويملأ ذاكرته بالمواقف ليتلوها على من يرعاه
يعود فلا يجد لكلامه صدى..
لا أحد يسمعه..لا أحد يريد!
يحاول في بعض الأحيان أن يصرخ بصوت أعلى ..يصرخ ويصيح حتى تنفجر فقاعته
ولكنه يجد مـَن حوله ينظرون إليه شرزًا..كيف جرؤت على فتق فقاعتك والخروج منها؟!  
يجد يدًا عجوز تمتد له تخبره أن يأتي معها ويثق بها
ويسحبه العجوز بعيدًا عن الأعين الناظرة ليدخله في فقاعة جديدة دونما أن يشعر
كلما حاول الطفل المغضوب عليه أن يتقرب من أحدهم وجد فقاعته تدفعه بعيدًا عن أي أحد!
غالبـًا سيموت الطفل وحيدًا في فقاعته
ينظر إلى أعلى بحسرة..يتذكر طموحاته التي فاقت عنان السماء،تبدأ الألوان في التغير والتموج
لم يعد يرى سوى لون واحد طشاش يزعجه 
اُمتزجت السماء بالأرض..لا شيء له معنى هنا،لقد فقد العالم طعمه بالنسبة للطفل المطرود من الجنة.

***

وجدت طفلتين وحيدتين اليوم في المسجد،من هيئتهما الزرية رجحّت أنهما من أطفال الشوارع المشردين 
كانت واحدة ترتدي طرحة على رأسها بينما كان شعر الأخرى أشعثـًا‘،عندما وقع نظري على الأخيرة ابتسمت لها في تلقائية وعفوية ولكنها ظلت واقفة مستندة إلى العمود في صمت 
لم تكن نظرتها تشي بالغضب أو الحقد،كانت نظرة مـَن لا يعرف الابتسامة..وكأن هذا الملاك الصغير لم يتدرب على تحريك عضلات وجهه بشكل ابتسامة..
كان الجميع يتجاهل وجودهن رغم أنه طاغٍ بخلقتهن التي لا تشبه بأي حال من الأحوال البهرجة المحيطة والملابس الفخمة 
خرجنا إلى الشارع،أمسك ابن عمي بدبوس ملقً على الأرض أخبرته أن يرميه بعيدًا وألا يفعل ما يرغب في فعله من إلقاء الدبوس على أرض الطريق حتى تنفجر إحدى إطارات السيارات بسببه،استجاب لكلماتي ووضعه بجانب باب المسجد،فأسرعت الفتاة والتقطته..همست لي ابنة عمي بصوت مسموع (أصلها شحاتة) نهرتها في لطف وأخبرتها ألا ننتبه لأحوال من حولنا ونهتم بأنفسنا..كانت صغيرة ولم أستطع شرح وجهة نظري لها بطريقة مستفيضة..نظرت خلفي في بؤس وأنا ألمح الفتاة المحجبة ترمقني بحذر قطط الشوارع،لم تبتسم ولم تـُبدِ أي ردة فعل،تساءلت عن حقيقة مشاعر هذه الطفلة وتذكرت وجه الفتاة الأخرى المتيبس.

في بلادنا الملائكة لا يبتسمون
في بلادنا أحباب الله لا يعرفون ماهية الابتسامة

يا الله،
كم أنت غاضب على هذا البلد !

هناك تعليقان (2):

  1. الطفل الذي لم يدخل الجنة أصلًا يا سارة

    ردحذف
    الردود
    1. فعلا ً .. لم يدخلوا الجنة , كنت لأودّ أن أصمت .. لكن كلمتك جعلت جسدي يقشعر , فكانت الكلمات أنعكاسا ً للقشعريرة !

      حذف